أعلن
مصرف الإمارات المركزي اليوم الثلاثاء عن تجديد اتفاقية مع نظيره الصيني لمقايضة
عملات البلدين بهدف تعزيز التعاون المالي والتجاري بين الإمارات والصين، من خلال
تيسير توفير السيولة بالعملة المحلية لتسوية المعاملات المالية والتجارية عبر
الحدود بشكل أكثر فعالية وكفاءة.
تحمل الاتفاقية، التي ستجدد مبادلة العملة بين البنك
المركزي الإماراتي وبنك الشعب الصيني، قيمة اسمية تبلغ 18 مليار درهم (4.9 مليار
دولار) على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتهدف هذه الصفقة إلى تمكين توفير السيولة
بالعملة المحلية للأسواق المالية.
وأشار
المصرف إلى أن الاتفاقية تضم أيضًا التعاون في تطوير المهارات وتوفير التدريب
الفني للخبراء في الجانبين، بالإضافة إلى تبادل الزيارات لبحث القضايا ذات
الاهتمام المشترك.
يعد الإجراء الإماراتي هو الثاني من نوعه بالنسبة
لاتفاقيات مبادلة العملات مع دول الخليج، حيث يأتي هذا بعد أيام من توقيع البنك
المركزي السعودي والبنك المركزي الصيني اتفاقية لتبادل العملات لمدة ثلاث سنوات
بقيمة تصل إلى 50 مليار يوان صيني.
وقع
المصرف أيضًا مع بنك الشعب الصيني مذكرة تفاهم لدعم التعاون الفني والتقني بينهما
في تطوير العملات
الرقمية الخاصة بالبنكين المركزيين. تهدف هذه
المذكرة أيضًا لتعزيز التعاون بين المصرف ومعهد العملات الرقمية التابع لبنك الصين
الشعبي في مجالات التكنولوجيا المالية وتبادل المعرفة حول أفضل الممارسات واللوائح
المتعلقة بالعملات الرقمية، بالإضافة إلى دعم تنفيذ المشاريع المشتركة، مثل مشروع
الجسر الذي يهدف إلى تطوير منصة تسهل استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية،
مما يسهم في تيسير المدفوعات التجارية عبر الحدود بشكل فوري ومؤمن.
محافظ مصرف الإمارات المركزي، خالد محمد بالعمى، أكد أن
قرار تجديد اتفاقية مقايضة العملات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية
الصين الشعبية، وتوقيع مذكرة التفاهم مع الشركاء الصينيين، يعكس العلاقات الوثيقة
بين البلدين والتزام المصرف المركزي بتعزيز الشراكة الاقتصادية والمالية
والاستثمارية مع الجانب الصيني. يطمح المصرف لتطوير التعاون في مجالات التكنولوجيا
المالية والعملة الرقمية للبنوك المركزية لدعم الاقتصاد والمجتمع.
ضربة
هيمنة الدولار
اتجهت البنوك المركزية مؤخرًا نحو إبرام اتفاقيات
مبادلة للعملات، وهو مسار شهد ارتفاعًا خاصة بعد تفشي وباء كورونا.
وفقًا
لصندوق النقد الدولي، تمت عمليات تبادل العملات للتغلب على قيود سوق الصرف
الأجنبي، وعلى الرغم من إلغاء معظم القيود في الأسواق المتقدمة، إلا أن هذه
العمليات ما زالت تُستخدم للتحوط من الاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل. ويُذكر أن
البنك الدولي كان أول من قدم فكرة تبادل العملات في 1981، وقام باتفاقيات لمدة 10
سنوات للحصول على المارك الألماني والفرنك السويسري.
أوضح الصندوق أنه خلال الأزمة الاقتصادية في عام 2007،
بدأت البنوك الأجنبية، التي كان لديها صعوبة في الحصول على الدولار، بتجنب
استخدامه للإقراض نظرًا لشكوكها حول قدرة العملاء على سداد الديون. وهذا زاد من
تكلفة الإقراض.
وأوضح الصندوق أن البنوك المركزية في الدول المتقدمة
اتفقت على تقديم خطوط مبادلة للعملة بينها، حيث كانت غير قادرة على توفير السيولة
الدولارية للبنوك المحلية مع انخفاض الاحتياطيات الأجنبية لديها.
مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، كان من كبار
المشاركين في هذا المجال، حيث بدأت هذه الاتفاقيات في الظهور منذ عام 2008.
في
أزمة العام 2008، قدم الفيدرالي الأمريكي مبلغًا يُقدر بـ 580 مليار دولار للبنوك المركزية
في دول أخرى، من خلال اتفاقيات مبادلة العملات، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
تتيح هذه الاتفاقيات للفيدرالي الأمريكي تقديم كميات من
الدولارات لتلك الدول على شكل قروض قصيرة الأجل، مقابل وضع عملاتها المحلية كضمان،
مما يسمح لتلك الدول بتلبية احتياجاتها المالية وسد الفجوات في ميزانياتها وسداد
الفوائد على القروض.
تمت
صياغة أكثر من 30 اتفاقية مبادلة للعملات من قِبَل الصين مع بنوك مركزية حول
العالم بحلول عام 2022، هذا الإجراء يهدف لزيادة استخدام اليوان كعملة احتياطية
عالمية وتعزيز التجارة الثنائية وضرب هيمنة الدولار على المعاملات الدولية.
تسعى الدول التي تعاني من اقتصادات ضعيفة للتخلص من
الاعتماد الكبير على الدولار، فنقص توفره يؤثر على قدرتها على الاستيراد وسداد
الديون.
على الرغم من رغبة العديد من الدول، بما في ذلك
"بريكس"، في تقليل اعتمادها على الدولار، إلا أن الدولار ما زال العملة
الأقوى في العالم. فهو يتحكم في 41% من المدفوعات العالمية وفقاً لجمعية SWIFT بين
البنوك. فيما يبلغ اليوان نسبة تبلغ 2.4% من مدفوعات SWIFT.
وفقًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في الفترة
من 1999 إلى 2019، كان الدولار متمثلاً بنسبة 96% من الفواتير التجارية في أمريكا
الشمالية وأمريكا اللاتينية، و74% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و79% في بقية
أنحاء العالم.
على الرغم من هذا، بدأت المخاوف تتسرب في أوساط
المستثمرين حيث يخشون فقدان الدولار بعضاً من مكانته نتيجة التغيرات الجيوسياسية
والتوترات الحالية. هذه التحولات تعزز قوة العملات الأخرى وتحاول وضع نظام مالي
عالمي جديد بعيدًا عن الاعتماد الكبير على الدولار الأمريكي.